الأحد، 3 يناير 2010

نوري بريمو : المجلس السياسي الكردي: مبروك لأحزابنا وهنيئاً لشعبنا

نوري بريمو : المجلس السياسي الكردي: مبروك لأحزابنا وهنيئاً لشعبنا

نوري بريمو
إنَّ المجلس السياسي الكوردي الذي تم الإعلان عنه في خاتمة عام 2009 ومع بداية العام الجديد 2010 والذي يضم كافة أحزابنا (ما عدا حزبي التقدمي والوحدة)، هو نتـاج طبيعي لجهود متراكمـة وحوارات متواصلة بين قيادات أحزابنا المناضلة في الساحة الداخلية الملبدة سماؤها بغيوم أمنية داكنة تلاحق المناضلين وتعتقلهم بشكل تعسفي، وهو ثمرة قومية ديمقراطية تجعل الإنسان الكوردي يستعيد ثقته بنفسه وبحركته السياسية وبالقضية التي يناضل من أجلها، وهو إنجاز سياسي يعزز روحية المثابرة على تحمُّل الصعاب والتوجه صوب تحقيق المزيـد من التقارب بهدف ترتيب البيت الكوردي من الداخل عبر التوصل إلى إطار سياسي يصبوا نحو المرتجى الأكبر الذي لن يكتمل إلا إذا تم التوصل إلى مرجعية كردية شاملة.
في الحقيقة إنَّ الأداء الديمقراطي الذي استمد قوته من الروح القومية والإرادة الوحدوية لدى مسئولي أحزابنا الشريكة في هذا المكسب القومي المُنجَز بمساعي الجميع، كان الملهم الأساس لدى بروز فكرة تشكيل هكذا مجلس جامع، وقد كان شرط الوضوح واستقلالية القرار هو الموجّه الأول قبل ومنذ ولادته، حيث تجلّى ذلك بوضوح في لقاءات وحوارات مرحلة التأسيس التي سبقت الإعلان، ورغم الأداء الحواري البطيء جرّاء تعرض أطراف المجلس لمختلف الضغوط والعقبات الذاتية والموضوعية، إلا أنّ جميع الشركاء امتلكوا روحية الإصرار والمثابرة والتعامل بإيجابية مع إشكاليات عديدة، حيث أثبت الجميع خلال مرحلة قصيرة بأنّ هذا الإطار ينبغي أن يصبح انطلاقة قوية لأنه حاجة ماسة تفتقر إليها حركتنا في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها شعبنا المضطهد..، ولما كان الكورد عموماً وحركتهم السياسية بشكل خاص، بغنىً تام عن خوض المزيد من التجارب الفاشلة، كان على الجميع قبول مثل هكذا فكرة أو بالأحرى إطار جماعي، ليس هذا فحسب لا بل كان من الواجب النهوض بالبيت الكوردي وفق المطلوب والمُراد، وكان من المفترض أن ينصب اهتمام كل الأطراف المعنية على العناية الجدّية بالقلب وليس بالقالب، ليتنامى حجم الحراك ويزداد ثقله وسط الجماهير وفي الساحة السياسية الكردية والسورية عموماً، وذلك بإيلاء الأولوية للتلاقي والتوحيد، من خلال جعل المجلس السياسي فوق كل الأحزاب، كونه يكتنف المحتوى والقاسم المشترك المهم والأكبر الذي يجب على الجميع الالتقاء حوله للتخلص من تلك الأزمات الذاتية التي من شأنها أن تعيق الجهود الرامية إلى تشكيل الإجماع الكردي العام بأي شكل كان ووفق أية صيغة يتم الاتفاق حولها، على طريق توفير المقدرة على الإسهام بفعالية لخوض النضال في كل الظروف والمراحل.
إنّ المطلوب الآني هو أن يعمل جميع أحزاب هذا المجلس بوجدانية ووعي ذاتي قادر على نسيان اختلافات الماضي وعلى خلق أجيالٍ جديدة من الكوادر الحاملة لأفكار نيِّرة وطاقات كامنة وسلوكيات حوارية تقبل الآخر، لتؤدي أداءً حضارياً صوب التلاقي الجماعي، الذي من شأنه أن يحرر حراكنا الحزبي من أشكاله التقليدية إلى حراك سياسي قوي وقادر على الخروج من دوائر التفكير الضيق والأداء الضعيف، وأن يتم تطوير أحزابنا إلى مؤسسات أكثر فعالية ورحابة، لتتخلص من مختلف الأمراض ولتصبح أكثر تصميماً على متابعة سعيها على طريق نيل الحقوق القومية المشروعة لهذا الشعب التوّاق كما غيره إلى العيش بسلام وحرية .
إنَّ تأسيس المجلس السياسي الكوردي، إنْ دلّ على شيء إنما يدلُّ على أنّ هنالك ثمة بوادر إيجابية تدعو إلى التفاؤل بمستقبل أفضل، وأن نهج الحوار وقبول الآخر والالتقاء معه على أرضية التلاقي ورص الصفوف، قد أصبح منهجاً أكثرياً أو بالأحرى مشاعاً في هذه الأيام لدى أوساط واسعة من المثقفين والساسة وحتى لدى مختلف فئات الشعب الكوردي، وخاصة في السنوات الخمسة التي أعقبت انتفاضة آذار 2004م التي شملت كافة المناطق الكوردية والتي راح ضحية أحداثها الدامية عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمعتقلين، أي أن السعي نحو الإجماع الكوردي قد بات منذ الانتفاضة شغلا شاغلا لأكثرية الأحزاب والفعاليات الكوردية، مما يدّل بشكل قاطع على أن أكثرية الأفرقاء الذين ساهموا في تشكيل المجلس السياسي الكوردي قد أحسوا بمرارة الواقع وخطورة الوضع وأصبحوا مقتنعين بالاحتكام لمراجعة الذات ومخاطبة الآخر للتباحث في صميم مستلزمات العمل المشترك بحثاً عن الحلول وتداركاً لمخاطر أخرى قد تباغت شعبنا مرّة أخرى، لاسيما في ظل استمرار السلطة في تعاملها الشوفيني مع قضيتنا القومية الديمقراطية، وسيما وأن الجانب السياسي الكوردي وشارعه قد باتا يؤمنان بخيار السلم بعيداً عن العنف في تناول الملف الكوردي ومختلف الملفات العالقة الأخرى في سوريا وغيرها من بقاع العالم.
ولما كانت أغلبية الأحزاب الكوردية قد قامت بواجبها وبادرت مشكورة وأعلنت تشكيل مجلسها السياسي وتسعى إلى رص الصفوف لمواجهة هذه المرحلة وكل المراحل، فإن ما يبعث على الاندهاش والاستغراب هو مدى عجالة بعض المتربصين بفكرة تشكيل هكذا مجلس ويبدو أنه ليس لهذا البعض المشكك مجرّد ملاحظات فحسب بل إنّ رموزه تحاول أن تتعامل مع المولود الجديد بمنتهى الحساسية والسلبية والتشكيك.
إن المجلس السياسي الكوردي المعلَنْ عنه حديثاً، يُعتبر إطار سياسي وتجربة نضالية فريدة ومن نوع جديد في ساحة كوردستان سوريا، ولذا لا يجوز الاستهانة بإمكانياته أو محاولة إفشاله تحت أية حجة أو مبررات كانت، لأنّ هذا المجلس يمثل الجزء الأكبر من قوام وثقل حركتنا الكوردية في سوريا، ويؤمن بأن القضية الكوردية هي قضيته المركزية التي ينبغي أن يدافع عنها بدراية وموضوعية بعيداً عن هفوات الماضي، ويعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من قوام قوى المعارضة السورية بمختلف مكوناتها القومية والدينية والطائفية.
وما دام الأمر هكذا، أي مادمنا نخوض تجربة نضالية عنوانها تأسيس مجلس سياسي على أنقاض تشتتنا ليجمع شملنا السياسي ويسهر على صنع القرار ورفع سوية الخطاب الكوردي، وهذا ما كان ينقصنا في الماضي القريب، فإنَّ أحزاب هذا المجلس عاقدة العزم على المضي قدماً في إنجاح المساعي الخيِّرة صوب تمتين لُحمة الكورد و تأطير قواهم ورص صفوفهم وقيادة مسيرتهم التي باتت بحاجة إلى دبلوماسية متلائمة مع المستجدات الحاصلة على شتى الأصعدة، وعلى العمل من أجل تعزيز ثقة الشارع الكوردي بقيادته السياسية ومن أجل استعادة ثقة واحترام الجانب العربي السوري الذي يشكل بتعداده السكاني الأكثرية القومية في هذا البلد .
وبهذه المناسبة التي أبهجت قلوب وأفئدة ملايين الكورد الغيورين على حاضر ومستقبل شعبنا، ليس بالوسع سوى القول: مبروك لأحزابنا وهنيئا لشعبنا، ومعاً على الطريق نحو تعزيز موقع ودور المجلس السياسي الكوردي الذي من حقه أن يدّعي بأنه سيشكل النواة الصحيحة لأية مرجعية كوردية بالانتظار، والذي من المؤكد بأنه سيسعى جاهداً مع مختلف مكونات المجتمع السوري من أجل تفعيل الحراك المعارض على طريق الإتيان بالبديل الديمقراطي إلى هذا البلد الذي هو ملك الجميع، كي ينال كل ذي حق حقه المشروع في العيش بكرامة وحرية دونما أي تمييز قومي أو طائفي يذكر.

ليست هناك تعليقات:

مواقع اخرى

موقع دلو جان للموسيقا الكوردية

موقع دوغات كوم

شبكة الاخبار الكردية

كوردستان بنختي

روج افا نت

كورد ناس

panela azad

روج افا نيوز

كورد اونلاين

جريدة النهار اللبنانية

موقع الشهيد الخزنوي

موقع عفرين يرحب بكم

كورد ميديا

موقع بنكه

موقع بنكه
موقع بنكه

أرشيف المدونة الإلكترونية

كوردستانا رنكين موقع سياسي