الأحد، 3 يناير 2010

د.عبد الرحمن آلوجي : السياسة و الحراك السياسي بين الاحترافية و المبدئية ؟!

د.عبد الرحمن آلوجي : السياسة و الحراك السياسي بين الاحترافية و المبدئية ؟!
السياسة مواجهة الحياة في أخص خصائصها , و أكثرها قربا إلى هموم الإنسان و طموحاته و أهدافه الكبرى ... و الحراك السياسي ترجمة عملية لهذه المواجهة , سواء كان ذلك في طابع فردي يتمثل في شخصية تجسد أهدافها حية في تصرفاته , أم كان في طابع جماعي متمثلا في هيئة أو طرف أو كيان سيسي, قائم يتجسد في دولة تختلف في ممارساتها , و شكل حكمها و طريقة إدارتها , و صيغ مؤسساتها ..
هذا الحراك الذي يحدد أفق العملية السياسية و مدى ارتقائها أو هبوطها , ووضع القادة و الأفراد و الهيئات و مدى اقترابهم من أهدافهم ومثلهم التي آمنوا بها , ونذروا حياتهم لها قديما و حديثا, في ممارسة حركية حية تستلزم متابعة و مراقبة و تقويما و نقدا , في الأداء و الترجمة الفعلية لواقع نظري يجسد الفكرة , و يترجمها في الحراك المتجلى في عمل متوثب و فاعل ..
والسياسة و حراكها من ألزم ضرورات الحياة ومن أكبر مهام الإنسان , كضرورة حياتية تستوجب الارتقاء بالمجتمع والتحرك المنتج في محيطه , بما لها من ارتباط مباشر و غير مباشر بالاقتصاد و الاجتماع و الفلسفة و الفكر , و القيم الأخلاقية و الروحية , والحياة العريضة للناس , لما تحمل من قوة دفع و إنشاء , - في حركها الصحيح والمعافى من دنس الارتزالق والتزلف والانتهازية , فهي قد تردي و تدمر إذا كانت الصيغ المتبناة قمعا و قهرا و إذلالا, وتشهيرا يعتمد الوصولية والتسلق والارتماء في الذاتية وأوضارها المنكرة والبائسة , و قد تعلي و تنشئ و تدفع إلى الأرقى و الأنبل إذا تسلحت بالقيم الفاضلة و المثل العليا , و هدفت إلى بناء معالم حياة , ترقى بالإنسان في فكره و عقيدته و مذهبه , فتغمر هذه الحياة و يعلو شأنها , و تنفتح كوى الخير , و مغاليق و أسرار حالت دون سعادة الإنسان و رفاهه و ازدهاره , لتصل السياسة في حراكها إلى درجة البناء و التقدم حينها , و عمارة الأرض , و قيام حضارة إنسانية , ترنو إليها الأفراد و الجماعات , و من أجل ذلك برز كبار الساسة و عظماء المصلحين و قادة الفكر , و رادة المعرفة, من وراء القرون المتطاولة , ليخلد ذكرهم مع هذه الممارسة الهادفة و الرؤية النيرة, و الموقف الإنساني النبيل فكان الأعلام الذين حفظتهم ذاكرة الإنسانية , و سطرت في صحائفها أروع الأمثال , و أجل المواقف ليبرز (أرسططاليس و سقراط و صلاح الدين و محمود الزنكي و الظاهر بيبرس و أفلاطون , و يعظم الفتح مع اسكندر الأكبر, و تتلوها أساطين الفكر و جهابذة السياسة و القادة و العظماء من مختلف أصقاع الأرض ومواطنه وأزمانه.. ) فتشرق تلك الصفائح الخالدة من خلال شخصيات لامعة حديثة ومعاصرة تتلو أولئك الأفذاذ في سير حية ناصعة , وحياة حافلة عامرة , تزهو بها الإنسانية بأممها وشعوبها من أمثال : (غاندي و نهرو , و إقبال و تيتو و ديغول و الخطابي وعمر المختار ويوسف العظمة.. و عبد القادر الجزائري و عبيد الله النهري و الشيخ سعيد بيران و البارزاني الخالد ... ) أعلاما في أممهم و قادة في مجتمعاتهم, و روادا في المحيط الإنساني الأوسع و الأكثر بهاءا و إشراقا وخلودا ..
لفد أنجبت السياسة المحكمة , والرؤية السديدة , والحراك السليم والمبدئي هؤلاء الأعلام الذين تركوا بصماتهم في حياة شعوبهم, وتجاوزوا محيطهم الإقليمي إلى العالم الأرحب ... لنجد مقابل هؤلاء في الوجه الأشد كلوحة وبؤسا وقترا أولئك الطغاة و المردة و القتلة و الانتهازيين, ممن قادتهم الاحترافية وقادهم التسلط والإثم إلى شر وبيل , و رؤية قائمة , و صحائف ممزقة , و لطخت تاريخهم بكل أساليب المكر و الدجل و التضليل, فكان منهم : (قارون و هامان و فرعون و كان نيرون الذي أحرق روما و هولاكو و جنكيزخان ...و كان طغاة القرن العشرين الذين أبادوا و دمروا ليكون حراكهم السياسي قاتلا و شرا على شعوبهم و على البشرية ..) .. و الحراك السياسي يزهو و يسمو مع نبل القيم , و سماحة الفضيلة , و روعة الأخلاق , و جمال المبدأ.. ولكنه يسفل و يتضع ويتقزم مع الاحتراف و الهبوط و الانهيار إلى مهاوي الانتهازية ,و المكر و التضليل و تشويه الآخرين , كما يحلو للبعض أن يجد فيه فرصة للتسلق و الانطلاق بلا حياء و لا قيود , وهو ما نجد في الحراك السياسي في منطقة الشرق الأوسط و على مستوى الحركة الكوردية في سوريا, حيث عانينا ذلك مباشرة وبأنفسنا – خلال تجربة مريرة وقاسية وأليمة عقودا متطاولة - و ما وجدناه من التواء و ركوب لمتن الأنانية و الفردية المغرقة, و احتراف بشع يمس أخص خصائص الإنسان .. في مثله و قيمه و فضائله, ليضرب نفر من هؤلاء – دون أن نسمي فهم معروفون من جماهيرنا بوضوح مبهر - ليضربواعرض الحائط بكل ما يرفع قيمة العمل السياسي و يرقى به , و يجعل منه أداة ميدانية لخدمة الأهداف الوطنية و القومية الكبرى الخارجة من دائرة الحزبية الضيقة , و الرؤية الفردية المتضخمة و الاحتراف الارتزاقي , و ما يحيط بذلك من خداع سراب , يلمع فيحسبه الظمآن ماء حتى إذا أتاه لم يجد شيئا, و لم يجد إلا المكر و الخديعة و التشهير و الأساليب الهابطة.. التي تحول دون بناء حراك سياسي يتسم بالجدية و بالمبدئية و الإيجابية, و الرؤية المتوازنة لبناء حالة من التواؤم و التكامل , و إنجاح مساعي الخيريين في رفع سوية العمل السياسي الكردي في سوريا و إقالته من عثارته, و رأب صدعه جديا, و إخراجه من قمم التشرذم و التشتت.. و غياب القرار المبدع و المنتج و المنبثق من الأهداف الكبرى, ليظل الحراك السياسي في محيطه الطبيعي و متنفسه, و علاقاته المثمرة والجادة والهادفة بعيدا عن أجواء القذف والتآمر و المكيدة , و منطق الالتفاف و التشويه, الذي يودي بمخططيه و الساعين لخلق حالات الاحتراف الهابطة إلى مصير من عبثوا بتاريخ شعوبهم, خدمة لأغراض قريبة و أهداف ذاتية خائرة .. فكان مصيرهم أبشع من أن يحسدوا عليه, و كان الاحتراف أكبر ضربة توجه إلى أعناقهم الملتوية ... ليبرز ما هو أعلى و أصلح و أكثر تهذيبا و رفعة و نبلا في خضم بناء حياة ذات أهداف رفيعة , و يبرز الفرق كبيرا بين الاحترافية الهزيلة و المبدئية الصارمة , دون أن تفقد قيمها الرفيعة في ممارسة تكتيكاتها .. التي تخدم استراتيجية العمل السياسي الجاد , وهو ما يمكن أن يقود إلى الأرقى و الأمثل و الأفضل .

ليست هناك تعليقات:

مواقع اخرى

موقع دلو جان للموسيقا الكوردية

موقع دوغات كوم

شبكة الاخبار الكردية

كوردستان بنختي

روج افا نت

كورد ناس

panela azad

روج افا نيوز

كورد اونلاين

جريدة النهار اللبنانية

موقع الشهيد الخزنوي

موقع عفرين يرحب بكم

كورد ميديا

موقع بنكه

موقع بنكه
موقع بنكه

أرشيف المدونة الإلكترونية

كوردستانا رنكين موقع سياسي